ألاحظ أن البعض يبدي حبا وإعجابا شديدين بالسادات وفي نفس الوقت يبدي سخطا
ونقمة على حسني مبارك ، وهذا أمر محير لأنه لا يستند إلى منطق سليم إذ أن مبارك سار
على خطا السادات دون أن ينحرف عنها قيد أنملة والولايات المتحدة رقيبة عليه ، مبارك
نفذ اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها السادات (الشهيرة عندنا بإتفاقية السلام) نفذها
بدقة شديدة ، فهو قد إلتزم بتخفيض عديد الجيش المصري وتم تسريح معظمه وهو إلتزم
بإخلاء سيناء من القوات العسكرية إلا العدد القليل من الأفراد والمعدات التي سمحت
بها المعاهدة والقوات الأمريكية الموجودة في سيناء تقوم بالتفتيش دوريا على قواتنا
للتأكد من عددها وتسليحها ، مبارك إلتزم بعدم تجاوز العدد المسموح به في تسليح
الجيش المصري من المعدات العسكرية الثقيلة (المدرعات والطائرات الحربية وغيرها)
الذي ورد في اتفاقية السادات ، مبارك إلتزم بعدم تسليح الجيش المصري بصواريخ أرض
ارض يتجاوز مداها 300كم (لهذا السبب تم اقصاء المشير أبوغزالة عن منصبه) ، مبارك لم
يسلح الجيش المصري إلا بما تسمح به أمريكا طبقا للإتفاقية لدرجة أنه وبعد قرابة 40
عاما من حرب أكتوبر وحصر مصدر التسليح للجيش المصري في أمريكا مازال قسم كبير من
أسلحة الجيش المصري أسلحة روسية مضى على صنعها أكثر من نصف قرن ، مبارك إلتزم
بأولوية العلاقة مع اسرائيل وتقديمها على العلاقات العربية كما ورد في كامب ديفيد
لذلك فهو قام ببناء جدار فولاذي عازل على حدودنا مع غزة التي حاصرها بناء على طلب
اسرائيل وكذلك عادى المقاومة في لبنان وعادى سوريا وايران لأن هذه الدول تعادي
اسرائيل وممنوع عليه طبقا لكامب ديفيد أن يصادق أعداء اسرائيل .
هذا ما يخص
السياسة العامة أما بخصوص السياسة الاقتصادية والاجتماعية فهو سار على نهج السادات
(سياسة الاقتصاد الغير خاضع لأي توجيه حكومي والتخلص من القطاع العام والملكية
العامة والتملص من مسؤولية الحكومة في قطاعات التعليم والصحة وخلق فرص العمل
وخلافه) إقتصاد مفتوح لكل أنواع الفساد والإفساد ولعل الكثيرين لا يذكرون ثورة
الجياع ضد السادات وسياساته التي أفقرت الشعب في 18-19 يناير 1977م والتي أطلق
عليها السادات انتفاضة الحرامية بعد أن أسماها الناس (انتفاضة شعبية) ، ولعل من أول
الاجراءات التي اتخذها حسني مبارك بعد توليه الحكم هو اعلانه عزمه محاربة الفساد
وبدأ بشقيق السادات (عصمت السادات) التي تضخمت ثورته بدون أسباب اقتصادية وشرعية
ولكن مبارك سرعان ما انطلقت أسرته في مجال العمل الاقتصادي وراكمت البلايين بينما
الغالبية الساحقة من الشعب يعانون فقرا مدقعا .
إذن لماذا يعشق البعض السادات
ويكره مبارك ؟
السبب هو الإلحاح الإعلامي على الشعب رابة 40 عاما والذي يذكر
السادات بكل خير وفي جملة واحدة (بطل الحرب والسلام) والجميع يدرك أن التوجه
الاعلامي الرسمي لم يتغير بعد تولي مبارك الحكم وإنما استمرعلى نفس المنوال ،
الأجيال التي تلت مصرع السادات لم تعايشه لتحكم على نتائج أعماله وانما تأثرت بما
ذكر عنه في وسائل الإعلام الرسمية والتي أشرف عليها (صفوت الشريف) كما يعلم الجميع
، وبينما سمعوا نفس الكلام عن مبارك إلا انهم تأذوا من نتائج سياساته لذلك أدركوا
(بحق) مدى سوء أدارته وعدم جدارته بالحكم .
السادات ومبارك هما وجهان لعملة
واحدة وهما مثل ريا وسكينة لا يمكن فصل أحدهما عن الآخر ويمكننا بكل ثقة أن نلقبهما
ريا وسكينة السياسة المصرية