[right]وما زال التحقيق
مستمرا.......................

يجلس رئيس المخابرات وراء مكتب
فخم , وفوقه على الجدار صور للرئيس الذي مات والرئيس الذي قتل في حادث سيارة
والرئيس الحالي , وببدلة رسمية ويضع على عينيه نظارة سوداء ويقف على جانبيه رجلان
عملاقان يحملان على جنبيهما مسدسات وعلى عيونهما نظارات سوداء , إنهما الحارسان
الشخصيان لسيادة الرئيس

في هذه اللحظة يطرق الباب بطرقة
خفيفة , ويسمح للطارق بفتح الباب

يدخل ضابط كبير برتبة عالية ,
ويخبط قدمه في الأرض يهتز منه أرجاء المكتب , مؤديا التحية العسكرية للرئيس

الرئيس: تفضل

الضابط : لقد انتهيت من مهمة
التحقيق مع العصابة التي تم القبض عليها قبل أيام من قبل أجهزتنا الأمنية البطلة ,
وتمت العملية بنجاح ووصلنا لكل المعلومات التي عندهم في غرفنا السرية المعروفة ,
ووقعوا على الإعتراف بكامل إرادتهم ووعيهم ياسيدي

الرئيس : وهل اعترفوا بكل شيء
؟

الضابط : نعم ياسيدي , فقد امتنعوا
في البداية عن الإعتراف , ومارسنا معهم كل الوسائل العلمية المعروفة والتي هي غير
معروفة للعالم فقط هي من الأسرار التي لايمكن أن نفشي فيها لأحد فهي من مقومات
الأمة ياسيدي

وأكثرهم عناداً كان زعيم العصابة ,
فلم يعترف لاببساط الريح ولا بالكهرباء , ولا بكسر يده وإطفاء أعقاب السكاير في
جسده ولا بنزع أظافره

الرئيس : يعني لم تحصلوا منه على
أي اعتراف ؟

الضابط :فشر هو وأهلوا ياسيدي نحنا
تلاميذ حضرتك , هل من المعقول أن نعجز عن أخذ الإعتراف منه؟؟؟!!!!!

لقد أسقيناه عشرين كأساً من الشاي
, وربطنا له حالبه وأخذ بعدها يصرخ ويستغيث ونحن نضحك عليه , ونقول اعترف وقر والا
خليك هيك

الرئيس : أكيد اعترف

الضابط :طبعا ياسيدي , وفي حدا
بيقدر بوقف أمام اختراعك هذا ياسيدي

الرئيس : يرفع رأسه قليلاً للأعلى
وتظهر عليه علامات الإفتخار والنشوة من نجاح اختراعه هذا , مع أصوات الموجودين في
المكان يهللون له على اختراعه العبقري

فليس من السهل أبداً أن تنتزع
اعترافا من فئتين من البشر , هما النساء والأطفال , وهذا الضابط كان حظه هذه المرة
مع أطفال بعمر عشرة سنوات

خمسة عشر طفلا ملقون على الأرض
والدماء تنزف من أجسادهم البريئة

وما يزالون فاقدوا الوعي

الماء البارد يسكب عليهم بقوة ,
تتحرك أجسادهم يحاولون فتح أعينهم , ليستكشفوا مكان الماء الذي حط على أجسادهم
العارية والممزقة , أبطال القوات الخاصة تحيط فيهم , ينهالون عليهم باضرب والضحك
والشتائم والكفر بالله

يغلق باب الزنزانة بقوة

يشتد الألم على الأطفال يصرخون
ويبكون

هذا يرى خيال أمه أمامه تبكي وتدعو
الله كي ينقذه من الموت والآخر يشعر بيد أباه تمسح جبينه مع آلام تخرج من تحت يده
من كثرة الكدمات والجروح

الكل يصرخون ماما ماما بابا
بابا

لاأحد يجيب

مع الألم الشديد والخوف يعودون
لحالة الوعي

ويجدون الدماء والجروح ولا أظافر
لهم

يقول

أحمد : أين أظافري من أخذها ويرد
عليه محمد أنا ليس عندي أظافر وكذلك البقية

علي يصرخ نحن أين

اسماعيل يقول إننا في
المغارة

يحاول عبود النهوض يصرخ فيه شيطان
واقف على فتحة الزنزانه

لماذا اعتقلوهم , لماذا هؤلاء
الأطفال كبيرهم لم يبلغ العاشرة بعد

إنهم في الصف الرابع

ماذا فعلوا

يقول محمد , يمكن لأنو كتبنا على
جدار المدرسة الشعب يريد اسقاط النظام

يرد عليه أحمد , ماذا يعني النظام
؟

عبود : شفنا بالتلفزيون المصريين
يقولون هكذا

وابتسم البعض وبكى البعض , وصرخ
بعضهم ماما .....ماما....دخيلك انا خايف هدول بدن يموتوني

الغرابة في الأمر , ومع أن الغرابة
تصبح بديهية في ظل النظام القمعي والإستبدادي والأمني

لكن الغرابة هذه تبقى في مكان
لايمكن أن يمت للواقع بصلة مهما كان النظام الديكتاتوري قمعيا , أن تكون هذه
الواقعة بديهية

هل كان المحقق قد سأل ابنه في الصف
الرابع الابتدائي السؤال الآتي :

ماذا يعني النظام الحاكم ؟

وعلى سبيل المثال , ليسأل كل من
يقرأ حذه الواقعة الحقيقية ابنه في هذا العمر , نفس السؤال

فهل سيجد الإجابة عنده ولو بجزئ
بسيط من الإجابة

أشك في ذلك , أو قل أنني على يقين
أنه لايعرف معناها أحد في هذه المرحلة من العمر

تم اطلاق سراح ستة أطفال
منهم

وما زال التحقيق مستمراً مع تسعة
منهم

واقعة جرت في درعا المدينة
السورية , وكانت السبب في اشتعال انتفاضة أهل درعا ضد النظام انتصاراً لهؤلاء
الأطفال , والذي حقق معهم هو ابن خالة الرئيس قائد الأمن في محافظة درعا والصورة
أعلاه لطفل تم اطلاق سراحه

د.عبد الغني حمد