الاكتئاب حالة عقلية تتميز بالشعور بالحزن والإحباط والخمول. وغالبا ما يرتبط الاكتئاب بتقدير الذات المنخفض ولوم النفس وبأعراض جسدية كاضطرابات الأكل والنوم.
وجدت الدراسات العلمية أنّ الأطفال معرّضين للإصابة بالاكتئاب. حيث يمكن أن يعاني الأطفال الرضع من ألم نفسي. وتبيّن الأبحاث أنّ ذلك يحدث عندما يستنفذ الرضيع جميع الحلول للحفاظ على توازنه النفسي.
فقد تبيّن أنّ الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الثلاثة أعوام معرضين للإصابة باضطراب اكتئابي. وغالبا ما يعود ذلك إلى اكتئاب المرأة خلال أو بعد الحمل. حيث بيّنت إحدى الدراسات أنّ 70% من النساء أبلغن عن إصابتهن باضطرابات مزاجية خلال فترة الحمل، هذا وتم تشخيص حالات اكتئاب عديدة بين النساء الحوامل وتتراوح نسبة تلك الحالات بين 10 و15%. هذا وبيّنت دراسات أخرى أنّ ما تتراوح نسبته من 12% إلى 16% من كافة النساء تعانين من اكتئاب ما بعد الولادة.
آثار اكتئاب الأم على الأطفال
أثبتت الدراسات التي أُجريت خلال الأعوام الماضية أنّ لاكتئاب الأم آثارا سلبية تؤثر على الصحة النفسية والعقلية للطفل. هذا وأشارت دراسة أُجريت في التسعينيات أنّه يمكن أن تطور حالة الاكتئاب للطفل قبل ولادته. كما وبيّنت بعض الدراسات التي أجريت حول نشاط دماغ الأطفال حديثي الولادة الذين كانت أمهاتهم تعانين من اكتئاب أثناء الحمل أنّ نشاط أجزاء العقل المرتبطة بالسلوكيات الاجتماعية والتعابير الإيجابية أقل فاعلية مما ينبغي لها أن تكون عليه. الأمر الذي يجعل الأطفال أكثر تعرضاً للإصابة باضطرابات عاطفية على مر الزمن. كما ويكون لاكتئاب الأمهات آثارا سلبية على الجوانب المعرفية للطفل. كما وتبيّن أنّ أولئك الأطفال يعانون من انخفاض القدرة على التركيز. ويخافون بشكل زائد عن الحد من الوجوه غير المألوفة.
كيف ينتقل الاكتئاب من الأم إلى الطفل؟
إنّ إنخفاض نشاط العقل عند الأطفال حديثي الودلاة يدل على أنّ الاكتئاب يبدأ في الرحم. هذا ويعتقد بعض العلماء أنّ الأم تنقل الاكتئاب إلى الجنين كميائيا. حيث أنّ جسم المرأة ينتج هرمون الكورتيزول وغيرها من الهرمونات التي لا تعبر من خلال المشيمة. ويجدر بالذكر أنّ هرمون الكورتيزول والذي هو هرمون التوتر يؤثر على إدراك البالغين سلبا، بحيث يكون من الصعب التفكير بشكل سليم والعمل تحت الضغط. وبالتالي قد يولد الطفل وفي دمه هرمونات التوتر التي انتقلت له من الأم.
ومما يثير للدهشة أنّه يمكن للأطفال الرضّع أن يكتشفوا حالة اكتئاب أمهاتهم وهم في عمر الثلاثة شهور. ويظهر ذلك من خلال الكيفية التي يتجاوبون بها مع ذلك الأمر. حيث يكون الطفل هادئا وسريع الانفعال عندما تكون أمه كذلك.
هذا ويرى العلماء أنّ هنالك أربع طرق يمكن من خلالها أن ينتقل الاكتئاب من الأم إلى الطفل:
• الاستعداد الوراثي
• الاختلال الوظيفي بسبب اختلال الهرمونات العصبية أو هرمونات التوتر
• أفكار وسلوكيات الأم السلبية
• الحياة المجهدة
ونذكر فيما يلي العوامل التي من شانها أن تُخفّف من آثار الاكتئاب على الأطفال الرضع:
• مشاركة الأب. حيث يمكن لاهتمام الأب ورعايته أن يُعوّض ما لا تستطيع الأم تقديمه للطفل.
• معالجة اكتئاب الأم. إنّ حضور الأم يدفع الطفل إلى الشعور بالسعادة والحنان وبالتالي ينبغي الإسراع في معالجة اضطراباتها الاكتئابية.
على الرغم من أنّ اكتئاب الأطفال الرضّع كان محور العديد من الدراسات، إلّا أنّ الدراسات لم تتوصل بعد إلى تحديد المرحلة التي يبدأ بها الاكتئاب بالظهور. حيث ترى بعض الدراسات أنّ الاكتئاب يبدأ عند الأطفال وهم برحم الأم، بينما ترى دراسة فرنسية أنّ الاكتئاب لا يمكن أن يظهر قبل الشهر الثامن عشر. حيث تبيّن الدراسة الفرنسية أنّ القدرات العاطفية والإدراكية لا تظهر قبل ذلك الوقت.